Abstract
أشَرْنا في كلمة التحرير للعدد السابق من هذه المجلة (العدد 54) إلى تصنيفات عديدة لفئات القِيَم، فثمَّة قيمٌ للحكم والسياسة، وقيمٌ للاقتصاد إنتاجاً واستهلاكاً، وقيمٌ للمجتمع والأسرة، وقيمٌ للعِلْم والتعلّم، وهكذا. ونؤكِّد هنا أنَّ الرؤية الإسلامية تفرضُ التوازنَ والتكامل في أهميَّة هذه الفئات، وعلى هذا فإنَّ عملية التصنيف لا تُعلي فئةً من القيم على حساب أخرى، وإنَّما تفيد في تعيين موضوع البحث وحدوده، لِوَضْعه في بؤرة الاهتمام أثناء دراسته. وعندما يتمُّ اختيارُ موضوعٍ للدراسة يتمُّ تسويغُه عادةً بالإشارة إلى أهميته في مرحلة محددة، والأولوية التي يحملها بالموازنة مع موضوعات أخرى، وخطورة التقصير في شأنه، والنتائج المترتبة على الجهد المبذول في الاهتمام به.
وفضلاً عن محاولة فهمنا للقيم في نظام الإسلام في مجالات عديدة، فإننا نستطيع أنْ ننظر إليها في مستويات متعددة؛ وبذلك نحدد مجموعة من القيم في المستوى الأعلى، وتنبثق عنها مجموعات من القيم في مستوى أدنى، وهكذا. فشيخنا العلواني[1] مثلا رأى أن القيم الحاكمة العليا في الإسلام هي: التوحيد والعمران والتزكية؛ توحيد الخالق، وعمران الكون المخلوق، وتزكية الإنسان المستخلف في الكون. فالإنسان، المخاطب بالوحي المْنَزَّل من الإله الخالق الواحد، يؤمن بوحدانيته، ويقر بالعبودية له، ويوظف طاقته العلمية والعملية في إعمار الكون، وبناء الحضارة، وترقية الحياة البشرية على الأرض، وهو بذلك يتحقق بمقصد التزكية، تطهيراً وتنميةً لنَفْسِه ومالِه وعلاقاته.
وإذا كان توحيد الله الخالق يقتضي تنزيهه عن التعدد والمثيل، فإنَّ الإنسانَ المخلوق، مثله مثل سائر المخلوقات، يتعدد في خصائص وصفات كثيرة، منها اللون والعرق واللغة، لكن أهم خصائص التمايز والتعدد في خَلْق الإنسان وسائر الأحياء تمايز الذكور ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.