الملخص
من أهم الأمور التي شَغَلتْ العقلَ المسلم، وما تزال تشغله قضيَّة صياغة العلاقة بالدقة اللازمة بين الكتاب الكريم والسنَّة النبويَّة المطهرة. فمع أنَّه من البديهي أنَّ القرآن الكريم هو المصدر المنشئ للأحكام، وأنَّ السنَّة النبويَّة هي بيان له على سبيل الإلزام، بَيْدَ أنَّ طبيعة العلاقة بينهما بقيت -على وضوحها- مَثَارَ كَثِيرٍ من التساؤلات، وذلك لأنَّ بعض أهل العلم يقولون: "إنَّ السنَّة يمكن أن تكون مصدراً مُسْتَقِلاً عن القرآن في إنشاء الأحكام أو في الكشف عنها،" وقد ترتَّب على هذا التصور أن قرر الأصوليُّون والفقهاء أنَّ السنَّة هي المصدر الثاني للتشريع. وانطلقوا في بناء هذا التراث من قضيَّة "القطع والظن"، فالقرآن مقطوع به فهو أول، والسنَّة في عامتها ظنيَّة فلتكن مصدراً ثانياً.
وفي الوقت نفسه نجد كثيراً من العلماء في مقابل ذلك دَمَجُوا بين الكتاب والسنَّة وعدّوهما وحياً لا يختلف إلا في مجال الإعجاز والتعبُّد، وبعضهم شاع لديه استعمال التثنية بأن يقال: "الوحْيَيْن"، وأنَّ التمييز يَكْمُنُ في أنَّ القرآن الحكيم وَحْيٌ باللفظ، والسنَّة وَحْيٌ بالمعنى، والقرآن مُتَحَدَّى به، مُعْجِزٌ، وما السنَّة بمعجزة، والقرآن يتلى بلفظه كما أُنْـزِلَ، في حين يجوز أن تُروى السنَّة بالمعنى. وقد ترتب على هذه التصورات مَذَاهِبُ خَطِيرَةٌ، منها القول بجواز نسخ السنَّة للقرآن الكريم والعكس، وكذلك قبول فكرة إمكان التعارض بينهما ووجوب التوفيق سواء بطريق النسخ أو بطريق التأويل أو بأيّة طريق أخرى، مما أدى إلى توهم بعضهم أنَّ الفوارق بينهما هي فوارق شكليَّة فقط تتعلق بالألفاظ وبالمرتبة ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
جميع الحقوق محفوظة للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، ولا يسمح بإعادة إصدار هذا العدد دون إذن خطي مسبق من الناشر.
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف - غير تجاري - منع الاشتقاق 4.0 دولي.