الملخص
الإبداع" من "أَبْدَعَ" إذا أوجد شيئاً لا على مثال سابق. ومنه اشتقت "البدعة" باعتبارها أمراً يقوم الإنسان به دون استناد إلى أصل شرعي أو دليل معتبر. وإذا تجاوزنا الجانب السلبيّ المتعلق بالبدعة منه؛ لأنه غير ما نتحدث عنه، نجد "الإبداع" صفة في غاية الأهميّة، عمل الإسلام على أن يجعل منها خصيصة عامة شاملة يتصف بها كل مسلم ومسلمة، في مواجهة سائر شؤون الحياة وشجونها وتحدياتها المتشعّبة.
وحين نعمل الرؤية الكلية التي بناها القرآن، نجد الحياة الدنيا هي المرحلة الوحيدة، من بين مراحل عدة ممتدة من "عالم الذر والعهد" حتى "عالم الجنة أو النار"، التي يجد الإنسان نفسه فيها مكلّفاً ومسؤولاً ومستخلفاً ومؤتمناً ومبتلى. وقد سُخِّر الكون -كله- لتمكينه من القيام بهذه المسئوليات والأعباء الضخمة. وفي كل هذه الأمور هو في حاجة لاستنفار طاقاته كلها: العقليّة والنفسيّة والبدنيّة؛ ليتمكن من القيام بالجهود التي تتطلبها هذه المهام. فما من شيء منها إلاّ وهو في حاجة إلى الإنسان في كينونته وكليّته وجميع طاقاته. والتحديات التي تطرحها عليه هذه المهام، مهام الاستخلاف والائتمان والابتلاء، تحتاج منه -للقيام بها- إلى قدرة إبداعيّة. والقدرة الإبداعيّة يحتاجها وهو يخطط للقيام بهذه المهام، وفقاً لقدراته ومعطيات بيئته وسائر ظروفه، ليوقعها على أتم وأحسن وجه؛ بحيث تتحقق بها غايات الحق من الخلق، وتُتقَن وتؤدَّى على الوجه الذي ينبغي أن تكون عليه، وبدون ذلك فإن الإنسان قد يقصِّر لأنه لا يجد بين يديه كلَّ شيء جاهزاً، بحيث يمكنه أن يقلد فيه ويتابع ويحقق ما يريد بمجرد المتابعة والتقليد، فلا غنى إذن عن التحلّي بالقدرة الإبداعيّة، التي من شأنها أن تجعل الإنسان قادراً على إعداد الوسائل والأسباب، ومعرفة العلل والحكم والمقاصد والغايات، وطرق الفهم والفقه والتمثّل والأداء، وكل منها لا يمكن تحقيقه بدون الإبداع والطاقات الإبداعية للإنسان.
والنظر العقلي في الكون والوجود وفي الأنفس والآفاق، لا يمكن القيام به دون تحل بالطاقات والقدرات الإبداعيّة. ومثله القيام باستقراء أدلة الخلق على الحق، مثل دليل الخلق والإبداع، ودليل العناية والرعاية، ودليل ضبط النِّسب والسُّنَن والموازين. كل تلك الأمور في حاجة إلى استحضار الطاقة الإبداعيّة. فالطاقة الإبداعيّة بحدّ ذاتها مطلب شرعي ومقصد إيمانيّ، لا يعذر القادر على تحقيقه به بالتخليّ عنه أو عدم اتخاذ ما يلزم لتحقيقه ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
جميع الحقوق محفوظة للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، ولا يسمح بإعادة إصدار هذا العدد دون إذن خطي مسبق من الناشر.
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف - غير تجاري - منع الاشتقاق 4.0 دولي.