Abstract
تحليل المفاهيم مبحث مشترك بين اللغة والمنطق وفلسفة العلوم، غير أنَّ فقهاء اللغة يضعونه على قمة أولوياتهم. وواحدة من طرق تحليل المفهوم لديهم هي أن يعودوا به إلى جذره اللغوي؛ أي إلى المصدر الذي اشتق منه. والمصادر هي أسماء تدل في وضعها الابتدائي على حوادث تكمن أو تنطلق من الفاعل (مثل قولهم كتب، يكتب، كتابة)، ولذلك فهي تصلح أن تكون مادةً للاشتقاق؛ إذ يستطيع اللغوي الماهر أن يقلِّب جذر الكلمة تقليباً يثمر معنى، أو حدثاً، أو عملية جديدة. وأثناء عملية التقليب هذه يصبح المعنى الأساسُ لجذر الكلمة عنصراً ناظماً وموحداً، ترد جميع المعاني المشتقة منه وتنسب إليه، تماماً مثلما يرد أعضاء الأسرة الواحدة وينسبون إلى أبيهم أو جدهم الأعلى. فكما أن جميع أعضاء الأسرة يشتركون في حد أدنى من الصفات والخصائص، التي تستمد من الرحم الأول الذي ولدوا منه، بحيث يمكن لأي منهم أن يعكس سمة من سمات الآخرين الذين تتكون منهم الأسرة، فكذلك الحال مع المعاني التي تتولد من جذر واحد للمفردة العربية.
فإذا أخذنا على سبيل المثال مصدر الفعل الثلاثي "كتب"، وبحثنا عما عسى أن يشتق منه، فسنجد: الكتاب، والكاتب، والمكتوب، والمكاتبة، والكاتبة، والتكاتب، والكتابة. وكلها أسماء تحتوى على حد أدنى من المعنى الذي يوجد في المصدر. وهكذا، نلاحظ أن مفردات اللغة العربية ليست مفردات متناثرة فحسب، بقدر ما هي مفردات تنتمي إلى حقول، أو إلى مجموعات من الأُسَر وذوي القربى. وحينما تتدرج من جذر الأسرة إلى أحد أفرادها، ثم إلى أصهارها، ثم إلى بعض "أولي القربى" فإنَّك في هذه الحالة تقوم بعملية "تعميم"، متجاوزاً الأفراد إلى الجنس. وعملية "التعميم" هذه هي واحدة من ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.