Abstract
مَرّت قرونٌ عديدة على أزمةِ تدهوُرِ الأمَّة، وانحطاطِها وتمزُّقِها، ونيْلِ الأعداءِ منها، ولم يَكن نصيبُ جهودِ الإصلاحِ أكثرَ من معالجاتٍ لَمْ تمنعْ استمرارَ التدهورِ الذي أمْسَى تراجعاً وانهياراً، حين برَزَ إلى الساحةِ مُنافسٌ حضاريٌّ، ملَكَ من المعرفة والقدرة والفعالية والمبادرة، ما لم تعدْ تتحلَّى الأمَّةُ بشيءٍ منه، ولا تملكُ أياً من مقوماتِهِ.
وحَاوَلَتْ الأمَّةُ -عَلَى مَدَى القُرُونِ الثلاثةِ الأخِيرة- النهوضَ من الكَبْوِة، واستعادةَ القدرة والعافية. ولكن جهودها اتّسمت بالتخبط، وعدم القدرة على تحديد رؤيتها، فهي ما بين محاكاة للغرب القاهر، أو اجترار لذكرى أطلال التاريخ. واتصفت ثقافة الأمة -خلال هذه الفترة- بالانفصام والانشطار بين ثقافةٍ مدنية أجنبية مُستلِبة، وثقافةٍ دينية مُنْبَتَّةٍ عن أسئلة العصر وتحدياته. وفشلت مشاريع الإصلاح المدنية الوافدة في تحريك كوامن الطاقة في كيان الأمة، كما فشلت صيحات التقليد التراثية في إعادة بناء قدرات هذه الأمة، وجاءت الرؤى والحلول -في مجملها- سطحيةً تلفيقيةً، تتباهى بالموروث، وتنظر بقصور في الاتجاه الخاطئ، وتلقي اللوم -في رهبة وسلبية وعجز- على الآخر، ولا تَكِلُّ من البحث عن كبوش الفداء.
ومع مطلع النصف الثاني من القرن العشرين، وإبَّانَ الاستعمار الأوروبي لكثير من بقاع العالم الإسلامي، بدأ تطلعٌ فكري ثقافي يعيد النظر في تشخيص واقع الأمة، وجهود نهوضها، ويبحث عن حلول أكثر عمقاً وجديَّةً لمعالجة تخلفها، وضعف طاقاتها وإمكاناتها، وعدم القدرة على بناء مؤسساتها ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.