الملخص
إن التراث العربي الإسلامي-بما في ذلك التراث المتعلق بعلم النفس- تتنازعه اليوم ثلاثة مواقف: أولها موقف تمجيدي يرى ضرورة اعتماد التراث بما هو عليه دون نظر في مفرداته ومفاصله الأساسية باعتباره يمثل تقاليد إسلامية موروثة. وثانيهما موقف تحقيري يرفض التراث جملة وتفصيلاً باعتباره صدى لأعصر بائدة، تعكس ثقافته عصوراً لها خصوصياتها. وينـزع أصحاب هذا الموقف عن المسلمين فضل السبق والإضافة في كثير من مجالات العلم. وثالث المواقف موقف يرى أفراده ضرورة احترام التراث مع تناوله بمنهج أساسه النقد والتحليل والنظرة التاريخية إلى مضمونه حتى يمكن تمييز الغث فيه من السمين. وكما هو واضح، فإن هذا الموقف يتجاوز الموقفين السابقين لأنه يأخذ بعين الاعتبار صلات التأثر والتأثير بين الثقافة العلمية العربية الإسلامية والثقافات الأخرى. وفي الواقع فإن هذا هو موقف مدرسة أسلمة المعرفة. وإذا كان لي أن أصنف كتاب الدكتور عمر خليفة في موقف من هذه المواقف الثلاثة، فلا شك سيكون موقعه في الموقف الثالث. تهدف هذه الورقة إلى عرض الكتاب أولاً والإشارة إلى مقاربات أسلمة علم النفس المختلفة بما فيها المقاربة المتبناة في هذا الكتاب.
المجال العام للكتاب هو التراث النفسي العربي الإسلامي. ومن الممكن تقسيم هذا المجال العام إلى مجالات فرعية متعددة هي المجال العلمي ويتعلق بقضايا علم النفس وموضوعاته المختلفة والمجال اللغوي ويتعلق بالتراث المكتوب باللغة العربية دون غيرها والمجال الزمني ويتعلق بالتراث الذي تم نشره في الفترة ما بين القرن التاسع الميلادي والقرن الخامس عشر الميلادي، وأخيراً مجال التراث المكتوب دون الاهتمام بالتراث المصنوع كالآلات والمكائن والمباني من مساجد وقصور وغيرها.
ويمكن تقسيم أهداف الكتاب إلى مجموعتين هما: أولاً، توسيع نطاق عمل الدكتور الزبير البشير طه[1] في كتابه "علم النفس في التراث العربي الإسلامي" (1995) إضافة إلى إحياء مقياس ابن الهيثم للغلط البصري، ورسم ملامح علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي. وثانياً تحديد حجم التأثيرات التي أحدثها علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي في تطور الحضارة العلمية والتقنية الغربية. وثمة هدف ضمني آخر يمكن استنتاجه من خلال العنوان العام للكتاب والعناوين ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
جميع الحقوق محفوظة للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، ولا يسمح بإعادة إصدار هذا العدد دون إذن خطي مسبق من الناشر.
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف - غير تجاري - منع الاشتقاق 4.0 دولي.