Abstract
تسود لغة النخب العربية والإسلامية –هذه الأيام، وفي ميادين الفكر والثقافة- مفردات وعبارات تحلِّي عناوين البحوث والمقالات والمناهج البحثية. ومن أهم هذه المفردات لفظة "المعرفة" وما يتعلق بها من "قضايا معرفية" و"مناهج معرفية" و"تحليل معرفي" و"رؤية معرفية" وأمثالها. ويبدو أن لفظ المعرفة ومشتقاته ومرادفاته قد اكتسب موقع التقدير في سائر اللغات البشرية، منذ وقت مبكر من التاريخ. وعندما أصبحت الفلسفة صنعة الفئة المختارة المتميزة من العلماء والحكماء بقيت "نظرية المعرفة" في قلب التفكير والممارسة الفلسفية.
وفي اللغة يرد الفعل عرف يعرف عرفاناً ومعرفة، ومنه العَرف والعُرف والمعرفة والتعارف، ويفيد ذلك ما يدركه الإنسان ويثبت معناه في نفسه بصورة تطمئن به وتسكن إليه. وما لا يتم إدراكه ولا يثبت في النفس فإنها تنكره وتتوحش منه،، وتنبو عنه. فالمعرفة حالة نفسية يجدها الإنسان من نفسه حين يحصل الإدراك، وهي بالتالي فعل عقلي ينتج عن تفاعل الذات العارفة بالموضوع المعروف.
ورغم ما ذهب إليه كثير من القدماء والمحدثين من المسلمين وغيرهم، من تمييز بين معنى المعرفة ومعنى العلم، فإن هين المفهومين يتفقـان في المعنـى العـام. فقـد فسَّر أهل اللغـة المعرفة بالعلم والعلم بالمعرفة، كما أكدّ ذلك ابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل، حين بيّن أن العلم والمعرفة اسمان يقعان على معنى واحد. وإن فرّقوا بينهما فقد أبقوا على المعنى العام المشترك، وجعلوا أحد اللفظين أخصّ من الآخر، كما فعل الحسن العسكري في "الفروق اللغوية" حيث جعل المعرفة أخصّ من العلم؛ فكل معرفة علم وليس كل علم معرفة؛ أي أن العلم أشمل من المعرفة باعتبار أن العلم صفة الله سبحانه وللإنسان، أما المعرفة فهي صفة للإنسان فحسب، فيقال: الله عالم، ولا يقال: الله عارف. وهكذا فإن المعنى المشترك بين العلم والمعرفة أنهما ميزة مشتركة ميزة مشتركة أساسية للإنسان تتضمن علاقة بين العالم والمعلوم، أو بين الذات العارفة وبين الموضوع ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.