Abstract
تأخذُ بعضُ المصطلحات موقعاً أثيراً في الكتابات الفكريَّة والثقافيَّة، ويَشيع استعمالهُا دون أن يتمَّ تحديدُ دلالاتِها بصورة واضحة. ولذلك ليس من الغريب أن تجدَ المصطلحَ يُستخدم بدلالاتٍ مختلفة، وربَّما متناقضة. ولعلَّ هذا هو الحال مع مصطلح التكامل المعرفي. ذلك أنَّ المصطلح يُستخدم في كثير من الأحيان ليعني أنَّ شخصاً ما موسوعيٌ في معرفته وثقافته؛ لأنَّه يُلمُّ بكثير من العلوم، ولو كان إلمامُه من باب الثقافة العامة وليس المعرفة التخصصية. وفي هذا السياق يجرى التنْوِيهُ ببعض العلماء المسلمين الذي اتصفوا بالتكامل المعرفي، بمعنى الموسوعية، في اللغة والأدب، والفقه، وعلوم القرآن، وعلوم الحديث، والتاريخ، وربَّما الفلك، أو الطب، أو الرياضيات. فالإمام الطبري مثلاً هو مفسِّرٌ، ومؤرِّخ، وفقيه، وعالِمُ لغةٍ وشعر. وابنُ خلدون في الأساس مغامرٌ سياسي، لكنَّه عُرف بأنَّه مؤرِّخ، وقاضي قضاة المالكية بمصر، وكثيرون ينسبون له الإبداع في علوم الاجتماع والاقتصاد والتربية وغيرها. وابنُ سينا فيلسوفٌ وطبيب، وابنُ رشد فقيهٌ وأصولي وطبيب وفيلسوف، وابنُ تيمية كَتَبَ في الفقه والأصول والسنة والتصوف والمنطق. وهكذا. ولا شكَّ في أنَّ ظاهرة الإبداع في أكثر من علمٍ واحد، كانت صفةً مميزة لكثير من علماء المسلمين، لكنَّ هذه الظاهرة كانت أيضاً معروفةً عند العلماء والمفكرين والفلاسفة الأقدمين بصورة عامة في الحضارة اليونانية وغيرها. وربَّما كانت ظاهرةُ التخصص في علم واحد والتفرغ له ظاهرةً حديثة في التاريخ الإنساني، بسبب التوسُّع الكبير الذي طرأ على المعرفة البشرية؛ حتى أصبح من غير الميسور على العالِم الواحد أن ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.