الملخص
قد يكون الإلحاح في التنظير مضللاً في بعض الحلقات المعرفية، وقد ينشئ "تقاليد" تزداد بمرور الوقت شيوعاً، فيجد الباحثون أنفسهم ملزمين بأن يقولوا كلمتهم أو "وجهة نظرهم" في مسألة قد لا تحتاج إلى كبير عناء للتأشير على صيغ التعامل معها.
وهذا ما حدث بالنسبة إلى الموروث المعرفي الذي خلفته الأمة الإسلامية عبر التاريخ والذي أصبح -للسبب المذكور- حقلاً مفتوحاً لتجارب اليمين والوسط واليسار، إذا صح التعبير، ومورست إزاءه صيغ الانتقاء حيناً، والأحكام (الأيديولوجية) المسبقة حيناً آخر، والتنظيرات الشمولية التي قد ترتطم ببعض حلقاته، حيناً ثالثاً، وكانت النتيجة في كل الأحوال سيلاً من البحوث والمؤلفات التي تنطوي -بالتأكيد- على كشوف واستنتاجات في غاية الأهمية، ولكنها تتضمن في الوقت نفسه مواقف ومرئيات قد لا تصمد طويلاً بإحالتها على التيار العام للتراث الإسلامي، وخصائصه الأساسية، ومنظومة الأفكار التي تمحور حولها عبر القرون.
وعلى سبيل المثال فإن تنظير "الجابري" المعررف بخصوص ثلاثية العقيدة والقبيلة والغنيمة التي تفسر تراث الإسلام، قد لا يكون مقنعاً، وهو يذكرنا بمقولة الكاتب المجري آرثركوستلر من أن الفكرة التي تستطيع تفسير كل شيء، فإنها في نهاية الأمر لا تكاد تفسر شيئاً، كما يذكرنا بتعليق الفيلسوف الإيطالي بنيدتو كروتشه على (مثالية) هيغل من أن فكرة هيغل عن الحياة كانت فلسفية بحيث إن النزعتين المحافظة والثورية تجد فيها ما يبررها. وفي هذه النقطة يتفق انغلز الاشتراكي والمؤرخ المحافظ ترايتشه لأن كليهما يرى أن تماثل المعقول والحقيقي يمكن أن يدعي إليه بصورة متساوية في كل الآراء السياسية والأحزاب التي تختلف عن بعضها، لا من ناحية هذه الصيغة المشتركة، بل في تعيين ما هو المعقول والحقيقي، وما هو غير المعقول وغير الحقيقي!!! ومن ثَمَّ اتهام خصمه بأنه مخالف للمعقول، أي أنه ليس له وجود ملموس وحقيقي، ويكون بهذا الادعاء قد وضع نفسه مع الفلسفة في خط واحد!!![1]
إن الوقائع التاريخية -إذا أردنا الحق- تستعصي على القياس، وتتأبى على المسطرة، ولقد مارس الكثيرون هذا الأسلوب فأخفقوا، لأن منظوماتهم المهندسة باتقان اخترقت في أكثر من مكان، وليست تنظيرات الماركسية عنا ببعيدة. إننا نتذكر هنا ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
جميع الحقوق محفوظة للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، ولا يسمح بإعادة إصدار هذا العدد دون إذن خطي مسبق من الناشر.
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف - غير تجاري - منع الاشتقاق 4.0 دولي.