Abstract
لم يخْلُ زمنٌ من الأزمنة إلا وثَمَّة حديثٌ عن العلاقة بين خصائص الأفراد أو الجماعات البشرية المختلفة، وأنماط التعامل فيما بين الأفراد أو المجموعات، تعاوناً وتكاملاً، أو تنافساً وتدافعاً، أو صراعاً وتقاتلاً. ولعلَّ هُويَّةَ الفرد أو هُويَّة الجماعة كانت أكثر عنصر من عناصر التمايز والاختلاف، وعلى أساس التقارب أو التباعد في الـهُويَّة تكون طبيعة العلاقات بين الناس. وعندما يأخذ الحديث عن هذه العلاقات منحىً حضارياً؛ يحاول كل طرف من أطراف العلاقة أن يكوِّن رؤيةً محدَّدة لذاته، ورؤيةً محددة للطرف الآخر.
ولعلَّ أهم سؤال شخّص حال الذات والآخر في تاريخنا الحديث والمعاصر، هو ذاك السؤال الإشكاليُّ المهمُّ الذي قدَّمه شكيب أرسلان، عنواناً لكتابه: لماذا تأخَّر المسلمون وتقدَّم غيرُهم؟! وعلى الرغم من أنَّ المعالجة النقدية التفحّصية التي قام بها أرسلان في كتابه لم تكن بحجم قيمة السؤال وأهميته في السياق الحضاري، إلا أنَّ له قصب السبق في الدعوة إلى تفحُّص الذات، ونقدها، وتبيّن عوامل تخلُّفها، ومحاولة استكناه شروط نهضتها. وتابَعَه بعد ذلك عددٌ من المفكرين العرب والمسلمين الذين استقرأوا شروط النهضة ومعيقاتها، فكان لكل منهم توجُّهٌ محدَّد؛ إذ التقت هذه التوجهات أحياناً عند بعض التقاطعات، واختلفت في أحيان أخرى عن بعضها اختلافاً قليلاً أو كثيراً، ومن هؤلاء على سبيل المثال: مالك بن نبي، وعلي شريعتي، ومحمد إقبال، وإسماعيل الفاروقي، وأنور عبد الملك، ومحمد عابد الجابري، وطه عبد الرحمن، وجاسم السلطان، إلخ.
وتأتي المدرسة التوحيدية -وعلى رأسها مدرسة إسلامية المعرفة- لتوضّح الإطار الفكري للسؤال الذي طرحه أرسلان وغيره من المفكرين، ولإيجاد الآليات المنطقية والمناسبة للنهوض المنشود، المتمثل في بناء رؤية محددة للعالم، وصياغة نظام للمعرفة، ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.