Abstract
لقد كان للنصوص المقدسة أكبر الأثر في توجيه الجماعات البشرية بغض النظر عن مصدر هذه النصوص سواء أكان الهياً أم بشرياً.
والمتأمل في تاريخ الشعب اليهودي في نشاطاته التي جاءت بعد السبي البابلي[1] خاصة؛ يجد أن أغلبها إن – لم تكن كلها – كانت مؤطرة بالنص المقدس، سواء نص العهد القديم أو نص التلمود في مرحاة لاحقة، وبتعبير أكثر دقة يمكن القول أنه كان شديد الحرص على تأصيل سلوكياته تجاه الآخرين؛ تلك السلوكيات التي كان العداء والاحتقار للآخر سمتها الأساسية، وما ذلك إلا ليضفي عليها نوعا من المشروعية. غير أن الحديث عن هذا المستوى من المشروعية يدفعنا لمساءلة النصوص المعتمدة في عملية التأصيل هذه، لنقف على مدى قداستها. تلك القداسة التي تحدد وفقا لقداسة المصدر من جهة، وصحة المضمون من جهة ثانية، الشيء الذي لا يمكن الإجابة عنه إلا اذا أخضعناها – كما كان حال المحدثين مع النصوص الحديثية – الى دراسة نقدية على مستوى السند والمتن.
ومع انه قد اضطلع بهذه المهمة العديد نم العلماء ومن ملل شتى، تبقى دراسة الإمام الجليل أبو محمد علي بن الحزم الظاهري أمتنها على الاطلاق وذلك ف كتابيه "الفصل في الملل و الأهواء والنحل" و"الرد على ابن النغريلة اليهودي"، والكتاب الأول قد جعل من الإمام ابن حزم المؤسس الحقيقي لعلم مقارنة الأديان كما شهد له بذلك أعداءه[2] قبل محبيه، حيث عرض فيه جملة من العقائد عرضا نقديا وناقشها نقاشا متينا –وإن كان مصحوبا بالكثير من السب والشتم- ومن ذلك مناقشته لنصوص العهد القديم التي اتسمت الى جانب عنفها بإحاطة كبيرة بالموضوع سندا ومتنا.
وإن المطّلع عى ما كتب بعد ابن حزم ليقرر وبكل طمأنينة أن الذين جاءوا بعده كانوا عالة عليه، أو أقل تقدير ساوروا على نفس الدرب الذي سار عليه، فاقتفوا خطواته واتبعوا منهجه في التعامل مع النص. ولم يكن هذا مقتصرا على علماء المسلمين، بل تجاوزهم الى ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.