Abstract
انطلقت حياة الإنسان على وجه الأرض منذ أمد بعيد مليئة بالمخاطر ومحفوفة بالغموض، لكن الإنسان منذ عصر مبكر بدأ يتطلع إلى معرفة جوانبها الخفية، واكتشاف نواميسها الطبيعية والاجتماعية، ليسهل له بعد ذلك التحكم فيها وتسخيرها لما يصلح لحياته، مما جعل الإنسان الأول ومسيرته مع الطبيعة والحياة تتراوح ما بين نصر وهزيمة وفشل ونجاح، ثم ما بين تراجع مرحلي وارتقاء زمني في سلم الرقي. لكننا وبعد تأمل يسير في مسيرة المجتمعات البشرية الأولى، ندرك أن الأداة التي وظّفها الإنسان في معالجة القضايا الاجتماعية، والطبيعية، والفكرية، كانت "التفكير أو التفكر"، وهي المادة التي إن حرمت منها أمّة من الناس، فإن حياتها تتحول إلى قحط أبدي، وتصبح الأعداد البشرية بدونها وكأنها أكوام من الخشب أو همل بلا إرادة -إن صح التعبير. ولأهمية التفكير والتفكر للحياة البشرية، أشار العلماء إلى أن الرصيد الحقيقي لأمّة مّا، ليست البنايات العالية والعمارات الفاخرة فحسب، بل الأفكار والمبادئ الفكرية، وأنماط التفكير المشكلة لأذهان الأفراد، والمتداولة في أوساطها أيضاً. بل إن بقاء الإنسان على الأرض مشروط بالتفكير والتفكر، مما يعني أن الأمة التي تصاب بجدب الأفكار التي تنقذها من المآزق الاجتماعية والكوارث الطبيعية، فإن وجودها مهدد بالزوال وأيامها مهددة بالفناء. ولهذه الأهمية كان التفكر مجال واسع للدراسة والبحث فيه، وتطوير أساليبه، وتحديد أنماطه، ومعرفة عوائقه لدى العلماء المعاصرين والقدماء بما فيهم المسلمين وغيرهم.
ولقد تناولت أقلام المفكرين المسلمين وخاصة المعاصرين منهم، التفكير ومجالاته، إلا أن الذي يجعل هذا الكتاب فريداً من نوعه -حسب تقديري- هو شموله النظرة الإسلامية والغربية للموضوع وخاصة الجوانب التاريخية والحديثة أو الأصالة والمعاصرة منها، من جانب، ثم من جانب آخر، جمع المادة المتعلقة بالإشكالية ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.