الملخص
يكاد يحصل اليوم إجماع -أو شيء كالإجماع- بين الذين كتبوا في تاريخ التشريع الإسلامي على أن الفقه الإسلامي منذ نشأته تقاسمته مدرستان: مدرسة أهل الرأي، ومدرسة أهل الحديث. يمكن الرجوع في تبين هذه المقولة واستجلاء مجموع كل المفردات الفكرية المشكِّلة لمضمونها مما سنناقشه في هذه المقالة إلى مؤلفات تاريخ التشريع الإسلامي على اختلافها، إذ كلها تكاد تكرر نفس الفكرة بتفاصيلها وجزئياتها، وتبدئ فيها وتعيد.[1]
وعندي، أن هذه المقولة تحتاج إلى كثير تدقيق ومراجعة، إذ يسبق إلى الذهن منها –ضرورة- أنه يمكن فهم الدين واستنباط الأحكام الشرعية منه اعتماداً على الحديث وحده، أو على الرأي وحده.
والذي يهمني في هذه العجالة من أمري أن أجيب هنا عن سؤالين اثنين:
أ. هل فعلاً هناك: أهل رأي وأهل حديث؟
ب. ما السبب الحقيقي في الخلاف الواقع بين مختلف الاتجاهات والمذاهب الفقهية؟
فأقول، وبالله أعتصم:
إن ما ينبغي الوقوف عنده -ابتداءً- هو أن الذين يذهبون إلى تقسيم الفقه الإسلامي إلى هاتين المدرستين، لا يتفقون على تحديد موحد لرجال كل واحدة منهما: فلئن كانوا يعتبرون أبا حنيفة زعيم أهل الرأي، فإنهم يختلفون في أهل الحديث من هم؟ فبعضهم يذهب إلى أن مالكاً بالمدينة هو زعيم أهل الحديث، وبعضهم يرى أنه أحمد بالعراق، ويختلفون في الشافعي، فمنهم من يعده من هؤلاء، ومنهم من بعده من أولئك، وكثير منهم يرى أنه جمع بين منهج المدرستين، كما هو مالك عند آخرين، يجمع بين الرأي والحديث، أو محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة الذي ينظر إليه الكثير على أنه من أصحاب الحديث داخل أهل الرأي، أو سحنون زعيم أهل الرأي داخل مدرسة الحديث، فهذا إشكال أول ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
جميع الحقوق محفوظة للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، ولا يسمح بإعادة إصدار هذا العدد دون إذن خطي مسبق من الناشر.
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف - غير تجاري - منع الاشتقاق 4.0 دولي.