Abstract
يقول عبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة: "البلاغة تعطيك الكثير من المعاني بالقليل من اللفظ"، ويقول أبو الحسن الماوردي في الأحكام السلطانية: "أفصح الكلام أوجزه، وأكثره رموزاً، وأجمعه للمعاني الكثيرة والأحرف اليسيرة".
يكشف هذان النصان حقيقةٌ مفادها أن أسلوب الكتابة ليس حضوراً محايداً في تحديد الدلالة، بل هو عنصر مولّد لها، تنبجس من خلاله الرؤى التأويلية التي لا تزيدها العبارة إلا إغناءاً وإثراءاً.
كذلك يعتقد النقاد المحدثون أن أهمية النص -أيِّ نص- لا تكمن فيما يكشف عنه من الحقائق فقط، بل فيما يثيره من جدل وحوار، وما يولده من التأويلات، وما يستدعيه من تعدد القراءات، بمعنى أنه ذلك الذي يتيح لنا أن نتحدث عن تناقضاته واختلافاته، وتوتراته حيناً، وسكونه أحياناً، وضعف استدلالاته طوراً وتماسكها أطوراً أخرى، إنه ذلك النص الذي لا يزيده النقد إلا حياة وانبعاثاً وانكشافاً، ولا تقتله إلا الغفلة والنسيان.
ويؤكد المفكرُ الناقد علي حرب هذا المعنى فيقول: "إن قوة النص في حجبه ومخاتلته، لا في إفصاحه وبيانه، وفي اختلافه لا في وحدته وتجانسه، وعندئذ يكون عمل الناقد تأويل الاشتباه، وكشف المحتجب، وفضح المخاتلة، وقراءة المستندات السرية، وإبراز لأصالة المأصول ولا ذاتية المنقول".[1]
وما معنى "القراءة" إذا لم تكن إنتاجاً لنص جديد لا يقل قوة ولا أهمية عن المتن المقروء؟ فأن نقرا نصاً ليس بالضرورة أن ننضبط لسلطة منطقه، بل أن نخلق من إرادتنا للمعرفة سلطة مضادة، وأن يتحول ذلك المتن إلى موضوع للدرس ورأسمال للصرف، وحقلاً للحفر ومساحة للتساؤل ...
للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF في اعلى يمين الصفحة.
When an article is accepted for publication, copyrights of the publication are transferred from the author to the Journal and reserved for the Publisher.