الملخص
تتجه هذه الدراسة في سياق البحث في منهجية التعامل مع السُّنَّة النبوية أمام مأزق الحداثة وما بعد الحداثة الذي أتى بتساؤلات وانتقادات كثيرة بسطها أمام المنظومة الإسلامية التراثية. وتقترح الدراسةُ أنموذجاً تحليلياً للتصور الحداثي والتصور الإسلامي؛ بغرض الموازنة بينهما والعودة بهما إلى أصولهما الأولى. ويقوم هذا المقترح على مستويات ثلاثة: الفلسفة والرؤية الكلية، ثم المناهج المستخدمة في سياق هذه الرؤية، ثم الأدوات المعرفية التي أفرزتها تلك المناهج.
ثم تنتقل الدراسة إلى بحث إمكانية الالتقاء بين التصورين الإسلامي والحداثي، فترفض إمكان الالتقاء في الرؤية الكُليّة والفلسفة، ولا ترى مانعاً من التقائهما في الأدوات، وأما فيما يتصل بإمكان الالتقاء في المنهجيات، فتقوم الدراسة بتحليل اثنين من المناهج الحداثية وهما: المنهج التاريخاني والتأويلي، وتوازن بينهما وبين المناهج التراثية التي يمكن أن تؤصِّل لهما، وتخلص إلى إلحاقهما بالرؤية الكُليّة؛ أي بعدم صحة قراءة السُّنَّة النبوية عبر هذه المناهج، فإن تحققت تلك القراءة فإنها ستكون على أرضية توفيقية تجمع بين المنظومتين، ولا يتحقق فيها شروط إحداهما.
وتتجه الدراسة بعد ذلك بمزيد من التحليل إلى أدوات المناهج الحداثية، وذلك من خلال مطلبين، مطلب في الوعي المنهجي عُنيت فيه بتحديد آلية ومواطن الاستفادة من هذه الأدوات، ومطلب في الخلل المنهجي عُنيت فيه بإبراز المواطن والشروط التي يصعب فيها استدعاؤها. ثم تنتهي الدراسة بالوقوف عند نماذج تطبيقية لدراساتٍ في السُّنَّة النبوية يمكن تصنيفها على أنها استقدمت أدوات حداثية في مناهجها، أو أنها شاكلت في نتائجها ما تنتجه المناهج الحداثية من نتائج، وأعطت رأيها في تلك المقاربات.