الملخص
في خضم التطورات العلمية والتكنولوجية المتسارعة التي يشهدها عالمنا المعاصر، تبرز قضية بنوك الحليب كإحدى القضايا الشائكة التي تثير جدلاً واسعاً في الأوساط الفقهية والطبية والأخلاقية ولا سيما في المجتمعات الغربية. وتكمن أهمية هذه القضية في كونها تمس جوهر العلاقات الإنسانية والأسرية، وتطرح تساؤلات عميقة حول مفهوم الإنسان وكرامته في عصر التقدم العلمي. وتكتسب هذه القضية أهمية متزايدة في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة وما تفرضه من تحديات على المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمعات الإسلامية. إن الجدل الدائر حول مشروعية بنوك الحليب يعكس في جوهره صراعاً أعمق بين رؤيتين متباينتين: رؤية تستند إلى المرجعية الإسلامية في فهم العلاقات الإنسانية والأسرية، ورؤية أخرى تنطلق من منظور مادي علماني يتعامل مع جسد الإنسان وأعضائه بوصفها سلعاً قابلة للتداول. وفي سياق هذا الجدل، يبرز سؤال جوهري: هل يمكن اعتبار حليب الأم مجرد مادة بيولوجية منفصلة عن هويتها الشخصية بمجرد انفصاله عنها؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتجاوز البعد الفقهي، لتلامس قضايا فلسفية وأخلاقية عميقة تتعلق بمفهوم الإنسان وكرامته.
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License.
الحقوق الفكرية (c) 2024 المعهد العالمي للفكر الإسلامي